Shosha

مجزرة قرية أبو شوشة:

نجح باحثون فلسطينيون يعملون في مركز أبحاث جامعة بيرزيت، في الكشف لأول مرة عن مجزرة جماعية وقعت في قرية أبو شوشة قرب الرملة على أيدي القوات الصهيونية، أسفرت عن مقتل قرابة ستين فلسطينياً وانتهت بترحيل كل سكان القرية من منازلهم، ثم جرى هدمها على مراحل.

وكانت مجزرة أبو شوشة، كما يتضح من الدراسة المذكورة الواقعة في مائتين وتسعين صفحة، قد وقعت بتاريخ 14 أيار 1948 ، أي بعد انتهاء الانتداب البريطاني بيوم واحد.

ويقول أحد المشاركين في البحث إنه كان هناك ما يشبه الهدنة غير المكتوبة بين أهالي القرية

و”كيبوتس”جيزر اليهودية، التي تأسست بتاريخ 13/3/1945، وتعني كلمة “جيزر” بالكنعانية “الشاهق”، وذلك في إشارة إلى ارتفاع التلة العالية التي يقع عليها الكيبوتس المذكورة والمشرفة على قرية أبو شوشة البالغ تعداد سكانها في العام 1948، 950 شخصاً على أرض مساحتها 9425 دونماً”.

وذكر خلال الدراسة عن وجود علاقات اقتصادية واجتماعية بين سكان الكيبوتس اليهودي وأهالي القرية، لكن “هذه العلاقة تدهورت بعد قرار التقسيم وساءت بشكل كبير عندما قُتِل الناطور فيزدنر من الكيبوتس المذكور بتاريخ 21/3/1948، انتقاماً لمقتل نوح محمد الحاج أحد سكان القرية “.

2-10-1- تفاصيل …

أما عن تفاصيل المجزرة كما يقول أحد الباحثين، فقد قام جنود يهود من لواء جفعاتي بتاريخ 14/5/1948 بمحاصرة القرية من كافة اتجاهاتها عند آذان الفجر، وقاموا بقصف القرية بزخات الرصاص وقنابل المورتر؛ وقد تركز القصف على المنطقة الشمالية الاستراتيجية بالنسبة للأهالي العرب؛ ويستحكم في هذه المنطقة عشرات الرجال وبحوزتهم سبعين بندقية.

وقد نجحت الفرق اليهودية في دخول القرية، وانسحب المدافعون العرب، وكان اليهود يطلقون النار باتجاه كل شيء متحرك، في حين اختبأت النساء في ثلاث مغر وبقين مختبآت طيلة أسبوع كامل وتم تهجير الرجال من القرية.

وقد كشف مكان اختباء النساء عندما ألقي القبض على امرأة خرجت لتحضر الطعام لابنها الصغير، فتواجهت مع دورية من الجنود؛ وبعد التحقيق معها، دلّتهم على مكان وجود النساء والأطفال، حيث تم إخراجهم، وأُمِر الجميع بالتوجه إلى منازلهم، في وقت استمر فيه تناثر الجثث في القرية عدة أيام؛ وقد شكّلت النساء لجنة ضمّت خمس منهن، قمن بدفن القتلى والبالغ عددهم ستين شخصاً، تمّ توثيق أسمائهم في الدراسة المذكورة، وقد تمّ استخدام الخنادق والاستحكمات وحتى المغر مقابرَ جماعية”.

2-10-2-   طرد وقتل

و”تتهم الدراسة عسكريين إسرائيليين بالمسؤولية عن طرد النساء من القرية؛ إذ أصدر هؤلاء بتاريخ 20/5/1948 أمراً عسكرياً للنساء يقضي بالتجمع في ساحة القرية؛ خرجت النساء من منازلهن، فوجدن أوركسترا احتفالية خاصة: اصطف الجنود في صفين متوازيين يبعدان عن بعضهما مسافة ثلاثة أمتار، وبين كل جندي وآخر في الصف نفسه مسافة تقدر بستة أمتار، وقد أُمِرَت النساء بالتحرك بين الصفين للخروج باتجاه الشرق، حيث تقع قرية القباب؛ وأمام توسلهن بالسماح لهن بالعودة إلى منازلهن، قام الجنود بإطلاق النار في الهواء وباتجاه أقدام النساء إلى أن اختفين عن الأنظار ليغادرن القرية وإلى الأبد”.

–          وقدم أحد رجال القسم العربي في وكالة أبناء “الهاغاناه” (طنا) تقريراً بتاريخ 20/5/1948 حول “قتل عشرات من عرب قرية أبو شوشة قرب الرملة: قتل حسب رواية “الهاغاناه” 30 وأكثر من 70 حسب الرواية العربية”.

–          وتوضح شهادة أخرى الأمر في ما يخص القتلى، وذلك في برقية أرسلت إلى الملك عبد الله، إذ أكدت “أن اليهود يقتلون سكان القرية، وطالبوا في البرقية بمساعدة جوية”.

–          ويتضح من برقية أرسلت من شرطة الرملة إلى بعثة الصليب الأحمر، “أن اليهود قاموا بأعمال بربرية في القرية ونطالب وفد الصليب الأحمر بالحضور إلى القرية وتقديم المساعدة اللازمة”.

–          وحسب ادعاءات “الهاغاناه”، صودرت، بعد استكمال العملية، خمس بنادق و500 رصاصة ونقل 11 أسيراً إلى معتقل في رحوبوت ووجهت تعليمات لسكان القرية بمغادرتها”.

2-10-3-    هدم القرية

وتعرّضت القرية بعد ذلك إلى مسح شامل، فقد تم هدمها؛ وكانت في العام 1974، أكواماً من الحجارة تمّ في ما بعد إزالتها ونقل كل أحجارها، إذ تم في العام 1978 تشجير المكان الذي كانت فيه القرية.

وقد قام الباحثان اللذان أهديا هذه الدراسة، وهما فاهوم شلبي ونصر يعقوب، بتتبع أسماء القتلى وأعمارهم وموقع القتل، وأحياناً موقع الدفن وباللقاء بأقارب بعضهم، وتم رصد حوالى ستين قتيلاً في مجزرة لم يسجل عنها التاريخ قبل ذلك كلمة واحدة.

وقد وصف الدكتور صالح عبد الجواد، مدير مركز أبحاث جامعة بيرزيت وأحد المشرفين على الدراسة التي أجراها المركز، وتم الكشف فيها عن المجزرة، بـ “الدراسة المهمة لأنها كشفت عن مجزرة وقعت في يوم إعلان قيام دولة إسرائيل ولم تكن مسجلة في التاريخ قبل الآن”.

وأضاف عبد الجواد “أن أهمية الكشف عن هذه المجزرة تزداد في ظل الحديث عن تسوية تاريخية ليس بهدف نكئ الجراح أو القول بأنه لا يوجد سلام، بل بهدف إشعار الطرف الإسرائيلي بالذنب ونسف الفكرة الموجودة لدى الجانب الإسرائيلي والتي تم المساس بها لدى كثير من المؤرخين الإسرائيليين، بأن العرب هاجروا بطلب من الدول العربية أو بإلحاح من القيادة العربية في فلسطين، بل لقد هاجروا لتعرّضهم لمخطط مدروس فتحولوا إلى لاجئين، وهذا هو جوهر القضية الفلسطينية”.

وأضاف صالح “أن الدراسة طعنة قوية في جوهر الدعاية التي تنكر وجود حملات وترحيل، وقال إن شمعون بيريس وزير خارجية إسرائيل قد حاول في كتابه (شرق أوسط جديد)، نفي وجود الترحيل، لكن هذه الدراسة كانت طعنة قوية في جوهر الدعاية الإسرائيلية التي تحاول إنكار وجود حملات الترحيل” .