Land day

يوم الأرض الفلسطيني:

4-1-1-  ” الشرارة “

في الأول من آذار 1976، أعد متصرف اللواء الشمالي الاحتلالي في فلسطين المحتلة 1948 آنذاك، “يسرائيل كينغ”، وثيقة سرية جداً سميت باسمه وتضمنت مجموعة اقتراحات عنصرية حول كيفية إحباط ما أطلقت عليه سلطات الاحتلال آنذاك خطر التزايد السكاني العربي.

واشتمل مضمون الوثيقة على عدة بنود جوهرها جميعها “المشكلة السكانية العربية” أو “التزايد السكاني العربي” والخطر الذي يشكله على واقع وأمن ومستقبل الكيان الصهيوني ومخططاته، وكذلك اشتمل على موضوع الاقتصاد العربي والعمل والتعليم .. الخ.

–          وقد احتل موضوع التوازن السكاني في الجليل المحتل بين العرب واليهود حيزاً كبيراً في “وثيقة كينغ”

إذ كتب هذا الفاشي يقول: “التكاثر الطبيعي لدى السكان العرب هو 5.9% سنوياً، بينما يبلغ في الوسط اليهودي 1.5%”.  واقترح كينغ، بناء على مقولته هذه، “توطين اليهود في المناطق التي يشكل العرب أكثرية فيها، وتقليص التجمعات السكانية العربية القائمة، وذلك بواسطة تقييدها وتقليصها وحصرها بـما أسماه “التوسع السكاني العربي”.

–          وفي الموضوع الاقتصادي والعمل العربيين، اقترح وطالب كينغ بفصل العمال العرب العاملين في المنشآت الصناعية والورشات اليهودية المقامة في منطقة الشمال بشكل خاص

 بهدف خلق البطالة في الوسط العربي .

–          كذلك اقترح تنفيذ إجراءات تهدف إلى تقليص التعليم الأكاديمي العربي والقضاء على المثقفين العرب

 من خلال تهجيرهم إلى خارج وطنهم وفرض البطالة على من يتبقى منهم في أرض الوطن”.

–          وكان موضوع الأراضي العربية يشكل جوهر وثيقة “كينغ” وسياسة سلطات الاحتلال.

ففي أعقاب هذه الوثيقة، وبعد الإعلان عنها بأيام قليلة، أعلنت سلطات الاحتلال عن مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي العربية في فلسطين المحتلة، فتصاعدت إثر ذلك وتيرة الأحداث التي وصلت ذروتها بانفجار الثلاثين من آذار سنة 1976،

إذ “أعلن السكان الفلسطينيون العرب الإضراب العام الشامل الذي عمّ أنحاء فلسطين المحتلة احتجاجاً على سياسة التهويد والمصادرة”، وكان هذا الإعلان عن ذلك اليوم النضالي تأكيداً على عزم الجماهير العربية على النضال الصلب دفاعاً عن حقوقها القومية وفي مقدمتها حقها في البقاء في أرضها ووطنها.

ولجأت سلطات الاحتلال إلى أقسى وأعنف أساليب القمع والإرهاب لمنع الإضراب وإحباطه،

وقامت بعملية استعراض واسعة لعضلاتها، فأرسلت قوات عسكرية ضخمة إلى المدن والقرى العربية، وبشكل خاص إلى منطقة الناصرة المحتلة، غير أن كافة إجراءات وممارسات الاحتلال لم توقف المد العربي والانتفاضة العربية، فكانت نتائج الإضراب الشامل انعكاساً لحجم الصدام بين الطغاة والطغيان وأصحاب الحق،

فأقدمت قوات الاحتلال على اقتراف مجزرة دموية في ذلك اليوم، فسقط ستة من المواطنين العرب شهداء

على أرض الوطن دفاعاً عن كرامتهم، معمِّدين بدمائهم هذا اليوم التاريخي، وقد عكس ذاك اليوم وحدة الجماهير العربية الفلسطينية وتصميمها على مقاومة وإحباط سياسة المصادرة والتمييز العنصري ضدها.

4-1-2-  مشروع تهويد الجليل

“وفي أعقاب هذا اليوم التاريخي، أصدرت لجنة الدفاع عن الأراضي العربية بياناً حذرت فيه الجماهير العربية من أن سياسة مصادرة الأراضي العربية هي أبرز معالم سياسة التمييز العنصري الجائرة، إذ لم يبق للعرب في فلسطين المحتلة آنذاك من الأرض أكثر من نصف مليون دونم من الأراضي بعد كل ما صادرته سلطات الاحتلال بشتى الوسائل والذرائع الباطلة”.

–          نتائج المشروع:

1.      تقويض الزراعة العربية: “نتيجة لإجراءات المصادرة والمحاصرة، فقد تقوض عدد من فروع الزراعة العربية بسبب تقلص مساحة الأرض العربية، وتدني مساحة الأرض المزروعة بالنسبة للوحدة الزراعية في القرى العربية من 49 دونماً في عهد الانتداب البريطاني إلى حوالى ثلاثة دونمات”.

2.       تحول القرى العربية إلى ثكنات نوم للعمال العرب الذين تركوا، ولا زالوا يتركون، قراهم نهاراً للعمل في الزراعة والصناعة اليهودية التي أقيمت فوق أراضيهم السليبة.

3.      وعلاوة على كل هذا، فقد كان ينطوي مشروع تهويد الجليل المحتل على تهويد لمستقبل السكان العرب الذين يشكلون الأكثرية في هذه المنطقة التي تبلغ مساحتها 1.5 مليون دونم، وتمتد من حدود لبنان إلى مرج بن عامر، الأمر الذي كان يقضّ مضاجع قادة الكيان الصهيوني باستمرار.

–    أهداف المشروع:

جاء في مشروع تهويد الجليل على لسان سلطات الاحتلال ما يلي: “القضية الخاصة بالجليل هي قلة السكان اليهود بالنسبة لغير اليهود – أي العرب – الذين يؤلفون 70% من مجموع السكان، ففي العام 1973 كان عدد العرب في الجليل 147 ألفاً مقابل 62 ألف يهودي، وفي أطراف الجليل كان عدد العرب 40 ألفاً، يسكنون في ضواحي حيفا وفي عكا وطمره وشفا عمرو” .

أكد المشروع على الطابع الديموغرافي للمنطقة، وعلى أن المهمة الأساسية بالنسبة لسلطات الاحتلال تكمن في تحويل الجليل إلى منطقة ذات أغلبية سكانية يهودية.

وردت في “الكتاب الأسود عن يوم الأرض” كما يلي:

“تغيير الوضع الديموغرافي الراهن بين السكان العرب واليهود بواسطة مشروع له الأهداف التالية:

1.   تحويل إقليم الجليل الجبلي إلى منطقة ذات أكثرية يهودية.

2.   ضمان توزيع جديد – صحيح للسكان اليهود في الجليل.

3.   تعزيز اقتصاد السكان اليهود الذين ينضمون إليهم في المستقبل”.

–          تنفيذ هذا المشروع يقتضي الاستيلاء على مزيد من الأراضي،

 فقد تحدث المشروع عن “مصادرة حوالى 20 ألف دونم من الأراضي، قيل حينئذ إن ثمانية آلاف منها “أراض حكومية” وخمسة آلاف “أراض يهودية”، وإن هناك خلافاً حول ملكية الـ 6-7 آلاف دونم الباقية”.

لقد تعاملت سلطات الاحتلال الصهيونية مع السكان العرب الفلسطينيين دائماً استناداً إلى النظرية الصهيونية التالية: “ما أصبح في يدنا هو لنا، وما لا يزال في يد العرب هو المطلوب وهو موضوع التفاوض” .

وفعلاً، بعد إنشاء الناصرة العليا الاستيطانية على حساب الأراضي العربية التابعة للناصرة وقرى عين ماهل والرينة وكفر كنا والمشهد، أقدمت سلطات الاحتلال قبل الثلاثين من آذار سنة 1976 بعدة أيام على مصادرة آلاف الدونمات الأخرى من أراضي الناصرة وقضائها.

4-1-3-  الــذكــرى

ومنذ ذلك اليوم، وفي الثلاثين من آذار من كل عام، تحيي جماهير الشعب العربي الفلسطيني في أرجاء فلسطين ذكرى هذا اليوم التاريخي، مفجِّرةً في كل عام انتفاضة جديدة غاضبة شاملة تمتد من دير حنا في الجليل الشمالي إلى رفح على حافة سيناء.

في الثلاثين من آذار من كل عام، تعلن جماهير شعبنا في الوطن المحتل عن تمسكها بهويتها الوطنية وبحقوقها الثابتة وتلاحمها العضوي مؤكدة إصرارها على البقاء ومواصلة الصمود رغم عنف وشراسة إجراءات الاحتلال وكل محاولاته الرامية إلى طمس الهوية الوطنية وتصفية الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني.

وبعد … فهذه هي قصة يوم الأرض التاريخي – يوم الشعب العربي الفلسطيني باختصار شديد، أعدناها إلى الأذهان لتنغرس في قلوب وعقول الناشئة من أبناء شعبنا الذين يتساءلون عن يوم الأرض التاريخي.

هذه هي قصة يوم الأرض الفلسطيني الذي تحييه الجماهير الفلسطينية في أنحاء الوطن المحتل في كل عام على طريقتها الخاصة، فتجسّد فيه معاني الوحدة.. وحدة الدم والمصير الواحد بين أبناء الشعب الواحد.