Deir yassin

مجزرة دير ياسين:

ليس عبثا أن ترفض المحكمة العليا الإسرائيلية التماسا للباحثة اليهودية “نيطع شوشاني” بفتح ملف مجزرة دير ياسين، فالذي وقع هناك أبشع من أي وصف
كشفت الباحثة شوشاني “أن محكمة العدل العليا في إسرائيل رفضت الالتماس الذي تقدمت به لفتح مجاميع أرشيف الجيش الإسرائيلي الخاصة بمذبحة دير ياسين التي صادفت الجمعة ذكراها الـ63″،

وطالبت شوشاني ب”إلزام الجيش الإسرائيلي بفتح أرشيفه للاطلاع على صور مجزرة دير ياسين كان قد التقطها مصور الهاغاناه”، وقالت “إن المحكمة العليا بهيئة ثلاثة قضاة بحثت الاستئناف وقررت رفضه بدعوى أن “الجراح لم تلتئم بعد/ الجزيرة نت-   08/04/2011 “، وأوضحت “إنه تم التداول بالالتماس دون مشاركتها أو مشاركة المحامية الموكلة من طرفها، في حين شارك مندوبون عن الحكومة والأجهزة الأمنية الذين قالت الباحثة “إنهم عرضوا أمام القضاة صوراً مروعة للمذبحة التي راح ضحيتها مئات العرب”.

إذاً، الجراح لم تلتئم من وجهة نظر مجرمي الحرب، فكيف يمكنها أن تلتئم من وجهة نظر الضحية؟!

تشير الذاكرة الوطنية الفلسطينية إلى أن المجزرة الجماعية التي نفذتها القوات الصهيونية ضد أهالي دير ياسين كانت الأخطر والأشد تأثيراً على مجريات حرب 1948 ونتائجها، إذ استثمرها القادة الصهاينة في نشر الإرهاب والرعب في نفوس الفلسطينيين .

فدير ياسين قرية عربية تقع غرب القدس، وترتفع 770 متراً عن سطح البحر، وهي غنية بالآثار من العقود والمدافن، وبيوتها حجرية؛ طرقها أزقة ضيقة متعرجة تبلغ مساحتها 12 دونماً، وتتبعها أراضٍ بمساحة 2857 دونماً؛ بلغ عدد سكانها في العام 1945م نحو 800 نسمة، وتقوم اليوم فوق أنقاضها مستوطنة يهودية تدعى “جفعات شاؤول” وهي تتبع حدود بلدية القدس.

2-8-1- أما تفاصيل المجزرة كما وقعت فهي كما وثقت في عدد من المصادر كما يلي :

” قبيل بزوغ فجر يوم الجمعة التاسع من نسيان في العام 1948 وتحت جنح الظلام، توجه أكثر من 100 شخص من عصابات الأرغون والهاغاناه الإسرائيلية مسلحين بالرشاشات والبنادق الأوتوماتيكية والقنابل اليدوية والمدي للقيام بمهمة أمر بها الإرهابي المعروف مناحيم بيغن.

تتمثل تلك المهمة في إفراغ قرية دير ياسين العربية الفلسطينية من سكانها العرب والقضاء عليهم أو في أحسن الاحتمالات، اضطرارهم تحت وابل النيران إلى النزوح إلى مدينة عين كارم المجاورة التماساً للنجاة، وضحى هؤلاء بعنصر المباغتة عندما أرسلوا في مقدمتهم سيارة عسكرية مصفحة ومسلحة، دخلت القرية وطلبت من أهلها عبر مكبر الصوت إخلاء قريتهم، ولكن المواطنين تصدوا للسيارة وأمطروها بوابل من النيران جعلها تنحرف لتقع في خندق عند مدخل القرية مؤذنة بنشوب المعركة.

فاقت المقاومة العربية الفلسطينية، كما تورد صحيفة جيروزاليم بوست، توقعات عصابات اليهود التي كانت تنوي، مع سبق الإصرار، إخلاء القرية وقتل من فيها، وما بزغ الفجر حتى صعّد هؤلاء هجومهم وعملياتهم العسكرية محاولين التقليل من الإصابات في صفوفهم عن طريق نسف مداخل البيوت الحجرية بالقنابل ثم مداهمتها وإزهاق أرواح الموجودين، وانضم إلى هؤلاء في ما بعد أعضاء من عصابات بالماخ، قاموا بقصف الطريق المؤدية إلى القرية لردع الجنود العرب الذين جاؤوا من عين كارم لنجدة القرية، مستعملين – “أي أعضاء العصابات”- قنابل المورتر في جهود لإسكات مصادر المقاومة الفلسطينية في القرية.

ووصلت المعركة إلى نهايتها بعد الظهيرة وسيطر اليهود على القرية وتم حشر الفلسطينيين الذين أُسقط في أيديهم في سيارات عسكرية طافت بهم شوارع القدس الغربية ثم القدس الشرقية حيث تم إنزالهم. وقد لقي العشرات من الشيوخ والنساء والأطفال حتفهم في هذه المذبحة، فيما قتل خمسة من العصابات وجرح أكثر من ثلاثين شخصاً ” .

وتختلف بعض الروايات حيال أحداث المعركة عن بعضها الآخر.

ففي حين يقال ” إن جنوداً عرباً، معظمهم عراقيون، كانوا يتخذون مراكز لهم في دير ياسين منذ شهر آذار 1948، تنفي غيرها هذه المقولة وتؤكد أن عصابات الأرغون وليحي كانوا يتوقعون عند دخول القرية أن يغادر أهلها منازلهم، ولكنهم فوجئوا بالمقاومة العنيفة وإطلاق النار من كل منزل تقريباً، إلى أن رجحت كفة العصابات بعد معركة استمرت من الخامسة صباحاً حتى الثانية من بعد الظهر. وكانت القرية أشبه بقلعة محصنة؛ وتم الاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر التي مكّنت أهل القرية من الصمود كل تلك المدة. ويقول آخرون من اليهود أنفسهم إن أعضاء العصابات الذين هاجموا القرية تصرفوا برعونة وطيش ووحشية”، ويقول مائير بعيل، وهو أحد رواد الاستخبارات في عصابة الهاغاناه “إن مقاومة الفلسطينيين كانت ضعيفة وإن مقاتلي اليهود كانوا حمقى”، كما أن تصبان يائير الذي كان وزير الهجرة والاستيعاب وعضواً في الكنيست”، كان عضواً في الفريق الذي أرسل لدفن جثث القتلى الفلسطينيين بعد المجزرة، يقول إنه “لم يعثر على الكثير من الطلقات الفارغة، ما يدحض المزاعم بوجود مقاومة قوية “.

وانتشرت أقوال بـ” أن الفظائع التي ارتكبت خلال تلك المجزرة تجل عن الوصف، إذ شوهدت الجثث ممثلاً بها والمدنيون قتلوا طعناً بالسكاكين والمدى، وثبت أن حالات إعدام حصلت بعد انتهاء المعركة بوقت طويل.

وأورد بعيل في تقرير رفعه إلى رؤسائه في عصابة الهاغاناة مقتطفات من شعر يهودي قيل بعد المذابح التي حصلت لليهود في روسيا في العام 1903 جاء فيه، وهو بعنوان مدينة القتل:  “انهضوا الآن واذهبوا إلى مدينة القتل وشاهدوا الدماء المتناثرة والأدمغة المبعثرة والأعضاء المقطعة للقتلى على الجدران والحجارة والأسيجة والطين وفي كل مكان ” .

ويضيف بعيل “أن مقاتلي العصابات السرية قاموا بعرض 23 سجيناً عربياً في شارع محنيه يهودا أمام جمهور كبير من المتفرجين ثم ساقوهم إلى أحد مقالع الحجارة قرب منطقة جيفات شاؤول الحالية وأعدموهم جميعاً ” .

قام جاك رينيه ممثل الصليب الأحمر في القدس بزيارة دير ياسين يوم 11/4/1948 وقال “إن الضابط اليهودي في المكان، كانت تنطلق من عينيه نظرات نارية فضلاً عن برود ووحشية في آن معاً، وقد تم القتل بوحشية باستعمال بنادق أوتوماتيكية وقنابل يدوية، ثم أجهزوا على الباقين باستعمال المدي، إن ذلك أمر واضح يمكن لأي شخص أن يتلمسه” .

وقال”إن مجندة يهودية أطلعتنا على سكين كانت تحملها في يدها وهي ما زالت تقطر من دم الضحايا، وتستعرضها كأنها وسام شجاعة حصلت عليه. وأشار إلى اليهود الذين شاركوا في المذبحة بقوله “هؤلاء الحيوانات … ” .

وقال “إن عدد الضحايا فاق 350 شخصاً وهو يزيد عن التقديرات التي أوردتها المصادر العربية”.

وقال الضابط البريطاني الذي تولى التحقيق “إن هناك شواهد عديدة على حدوث حالات اغتصاب للنساء على أيدي اليهود المهاجمين، وكذلك، فإن الكثير من طالبات المدارس قد تعرضن للاعتداء الجنسي الوحشي عليهن ثم تم الإجهاز عليهن ذبحاً، كما تم الاعتداء على نسوة متقدمات في السن”.

كما جاء في وصف المجزرة:

” بدأ الهجوم والأطفال نيام في أحضان أمهاتهم وآبائهم، وقاتل العرب، كما يقول مناحيم بيغن في حديثه عن المذبحة، “دفاعاً عن بيوتهم ونسائهم وأطفالهم بقوة “، فكان القتال يدور يدور من بيت إلى بيت ، وكان اليهود كلما احتلوا بيتاً فجروه، ثم وجهوا نداء للسكان بوجوب الهروب أو ملاقاة الموت؛ وصدق الناس النداء، فخرجوا مذعورين يطلبون النجاة لأطفالهم ونسائهم، فما كان من عصابات شتيرن والأرغون إلا أن سارعت إلى حصد من وقع في مرمى أسلحتهم. وبعد ذلك، أخذ الإرهابيون يلقون القنابل داخل البيوت ليدمروها على من فيها، في صورة همجية قلّما شهدت مثلها البشرية إلا من حثالات البشر، وكانت الأوامر تقضي بتدمير كل بيت. وسار خلف رجال المتفجرات إرهابيو الأرغون وشتيرن، فقتلوا كل من وجد حياً، واستمر التفجير بهذه الهمجية حتى ساعات الظهر من يوم 10 نيسان/ أبريل 1948، ثم جمعوا الأحياء إلى جانب الجدران وحصدوهم بالرصاص” .

ثم جاءت وحدة من الهاغاناه بقيادة بنشورين شيف “فحفرت قبراً جماعياً دفنت فيه مائتين وخمسين جثة عربية أكثرهم من النساء والأطفال والشيوخ”.

يروي الناجون من المذبحة شهاداتهم للسلطات البريطانية قائلين:

–          “تم إيقاف عائلات كاملة بجوار الحائط ثم أُطلقت عليها النيران من البنادق، بنات صغيرات تم اغتصابهن، امرأة حامل تم ذبحها أولاً ثم بُقِرَ بطنها بسكين جزار، حاولت فتاة صغيرة أخذ الجنين من بطن المقتولة فتم إطلاق النار عليها؛ بعض أعضاء الأرغون أحالوا  الجثث إلى قطع بسكاكينهم؛ تمّ قطع أو جرح أيدي النساء وآذانهم لسرقة أساورهنّ أو خواتمهنّ” .

–          ” كان العروسان في حفلتهما الأخيرة أول الضحايا، فقد قذفا قذفاً وألقي بهما مع ثلاثة وثلاثين من جيرانهم، ثم أُلصقوا على الحائط وانهال رصاص الرشاشات عليهم وأيديهم مُكتّفة.  وقد روى الحادثة فتى يانع في الثانية عشرة من العمر، وهو الناجي الوحيد واسمه فهمي زيدان قائلاً: أمر اليهود أفراد أسرتي جميعاً بأن يقفوا، وقد أداروا وجوههم إلى الحائط ، ثم راحوا يطلقون علينا النار، أصبت في جنبي، واستطعنا نحن الأطفال أن ننجو بمعظمنا لأننا اختبأنا وراء أهلنا، مزق الرصاص رأس أختي قدرية البالغة من العُمر أربع سنوات، وقُتِل الآخرون الذين أوقفوا إلى جانب الحائط: أبي وأمي وجدي وجدتي وأعمامي وعماتي وعدد من أولادهم “.

–       وتقول حليمة عيد، امرأة شابة في الثلاثين من عمرها، ومن أكبر أسر قرية دير ياسين: رأيت رجلاً يطلق رصاصة أصابت عنق زوجة أخي خالدية، التي كانت موشكة على الوضع، ثم أخذ يشق بطنها بسكين حامية، ولما حاولت إحدى النساء إخراج الطفل من أحشاء الحامل الميتة، قتلوها أيضاً، واسمها عائشة رضوان.  وفي منزل آخر، شاهدت الفتاة حنة خليل (16عاماً)، رجلاً يستل سكيناً كبيرة ويشق بها من الرأس إلى القدم جسم جارتنا جميلة حبش، ثم يقتل بالطريقة ذاتها، على العتبة، جارنا فتحي”.

و”تكررت تلك الجرائم الوحشية من منزل إلى منزل.  وتدل التفاصيل التي استقيت من الناجين، على أنه لم تكنِ النساء أو الفتيات اللواتي يرافقن العصابة الإرهابية القائمة بالمجزرة، أقل وحشية، فأصوات القتلى المتكررة وانفجار القنابل اليدوية ولعلعة الرصاص، ورائحة الدم والأحشاء الممزقة المفتوحة الممتزجة برائحة المحترق والموتى … كل ذلك كان يجثم بثقله على دير ياسين ويغرقها بالدم والذعر، وجزاروها ماضون في السلب والنهب والتدمير والتقتيل وانتهاك الحرمات واغتصاب النساء والفتيات”.

–          تصف صفية، وهي امرأة في الأربعين من عمرها، كيف فوجئت برجل قد فتح سرواله وانقض عليها: “رحت أصرخ وأولول … وحولي النساء يصرخن على مصيري ذاته، وبعد ذلك … انتزعوا ثيابنا وجردونا منها ليلامسوا نهودنا وأجسامنا بحركات لا توصف، وقد حاول بعضهم انتزاع الأقراط من أذاننا، فتمزقت وتقطعت ؛ وكانوا يلقون بعض الضحايا في آبار القرية”.

ورغم أن المجزرة لم تمتد لأكثر من 13 ساعة، غير أن الإرهابيين الصهاينة استطاعوا قتل ما لا يقل عن 25 امرأة حاملاً، وأكثر من 52 طفلاً دون سن العاشرة، وقد قُطِّعّت أوصالهم، إضافة إلى تدمير مدرسة أطفال القرية بالكامل، وتمّ قتل معلمتهم فيها؛ وقد وصل العدد إلى ما يزيد عن 250 شهيداً في متوسط التقديرات.  وأما من بقي من النساء أحياء، فقد تم تجريدهن من ملابسهن ووضعن في سيارة شحن مع الأطفال الذين بقوا على قيد الحياة، ونقلوهم إلى بوابة مندلباوم، وطافت بهم الشوارع الأحياء اليهودية من القدس”.

ويعلن قائد وحدة الدفن، شيف، ما شاهده بقوله: “كان ذلك النهار يوم ربيع جميل رائع، وكان قد اكتمل تفتح أزهار أشجار اللوز، لكن رائحة الموت الكريهة ورائحة الدمار كانت تأتي من كل ناحية من القرية “.

ويصف مائير بعيل، كولونيل احتياط والضابط في صفوف عصابات الأرغون يومها، ما رآه بعينه، فيقول في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الصهيونية: ” بعد توقف إطلاق النار، وكان الوقت ظهراً، بدأ المهاجمون تنفيذ عملية تطهير المنازل، وأخرجوا خمسة وعشرين رجلاً نقلوا في سيارة شحن واقتيدوا في جولة “انتصار” في حي محانيه يهودا، وفي نهاية الجولة أُحضروا إلى مقلع للحجارة بين غفعات شاؤول ودير ياسين وأُطلق الرصاص عليهم بدم بارد، كما قاد المهاجمون النساء والأطفال وأصعدوهم إلى سيارة شحن ونقلوهم إلى بوابة مندولباوم، وقد رفض قادة المنظمات المشاركة في دفن 254 ضحية عربية كانت جثثهم مبعثرة في القرية .. ” .

ويقول المؤرخ الإسرائيلي أرييه يتسحافي، وهو باحث سابق في الجيش الإسرائيلي: “إذا أجملنا الحقائق ندرك أن مجزرة دير ياسين كانت إلى حد بعيد طابعاً مألوفاً لاحتلال قرية عربية؛ ونسف أكثر عدد من المنازل فيها، وقتل في هذه العمليات الكثير من النساء والأطفال والشيوخ ” .

ويضيف مئير بعيل أيضاً في يديعوت أحرونوت: “بدأ رجال “إتسل” مذبحة مخجلة بين السكان، والرجال والنساء والشيوخ والأطفال دون تمييز، أوقفوهم بجانب الجدران وفي الزاويا داخل المنازل؛ وكان عدد القتلى 254 شخصاً، وثمة شهادات مصوّرة تثبت ذلك”، ويضيف في مكان آخر: “لقد كانت في دير ياسين مذبحة، كانوا يتنقلون من بيت إلى بيت وهم يذبحون ويقتلون”، وقال إنه “يملك صوراً”؛ لكنْ، لم يتم الكشف عنها في أرشيف الحكومة حتى بعد وفاته في 1986 ” .

ويصف جاك رينيه رئيس بعثة الصليب الأحمر في فلسطين في العام 1948 ، الإرهابيين – الذين نفذوا المذبحة في دير ياسين – “بأنهم شبان ومراهقون، ذكور وإناث، مدججين بالسلاح (المسدسات والرشاشات والقنابل اليدوية)، وأكثرهم لا تزال أياديهم ملطخة بالدماء ويحملون بها خناجرهم الكبيرة ( تعبيراً عن عمليات الذبح التي قاموا بها وليس إطلاق النار)، وقد عرضت فتاة جميلة تطفح عيناها بالجريمة يديها وهما تقطران دماً، وكانت تحركهما وكأنهما ميدالية حرب”.

ويضيف قائلاً: “دخلت أحد المنازل، فوجدته مليئاً بالأثاث الممزق وكافة أنواع الشظايا، ورأيت بعض الجثث الباردة، فأدركت أنه هنا تمت التصفية بواسطة الرشاشات والقنابل اليدوية والسكاكين!! وعندما هممت بمغادرة المكان سمعت أصوات تنهدات، وبحثت عن المصدر، فتعثرت بقدم صغيرة حارة، لقد كانت فتاة في العاشرة من عمرها مزقت بقنبلة يدوية لكنها لا تزال على قيد الحياة، وعندما هممت بحملها حاول أحد الضباط منعي، فدفعته جانباً ثم واصلت عملي! لم يكن هناك من الأحياء إلا امرأتان إحداهما عجوز اختبأت خلف كومة من الحطب.  وكان في القرية 400 شخص، هرب منهم أربعون وذُبح الباقون بدم بارد”، (… أي تجاوز عدد الشهداء الثلاثمائة والستين شخصاً معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ حسب تقديره).

وقد تفاخر مناحيم بيغن – رئيس وزراء الكيان الصهيوني الأسبق – بهذه المذبحة في كتابه “الثورة” قائلاً: “كان لهذه العملية نتائج كبيرة غير متوقعة، فقد أصيب العرب بعد أخبار دير ياسين بهلع قوي، فأخذوا يفرّون مذعورين” .. فمن أصل 800 ألف عربي كانوا يعيشون على أرض إسرائيل الحالية (بينما تتحدث المصادر العربية عن أكثر من مليون في فلسطين المحتلة في العام 48) لم يتبق سوى 165ألفاً.  وبذلك يعتبر بيغن أن العملية خدمت استراتيجية الحركة الصهيونية، ويعيب على من تبرأ منها من زعماء اليهود ويتهمهم بالرياء!! ويقول بأنها “تسببت بانتصارات حاسمة في ميدان المعركة”. ويصل الحد ببعضهم ليدّعي أنه من دون دير ياسين ما كان ممكناً لإسرائيل أن تظهر إلى الوجود.

” وقد بقيت اتسل، في ما بعد، متمسكة بمواقفها تجاه المجزرة، ولم يحدث عليها أي تغيير، وذلك خلافاً لليحي التي دافعت عنها في بداية الأمر بكل قوة معتبرة ما ارتكبته عناصرها بمثابة “واجب  إنساني” .