Al-Haram

25/2/1994 مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل:

“في صباح الجمعة الموافق للخامس عشر من شهر رمضان 1414 هجري، الموافق لِ 25/2/1994، وفي أثناء صلاة فجر ذلك اليوم، تسلل المستوطن الإرهابي باروخ غولد شتاين مرتديا الزي العسكري، حاملاً سلاحه، متخطياً جميع المشاعر والقيم، وباشر بإطلاق الرصاص على المصلين الركَّع السجَّد في قلب الحرم الإبراهيمي، فسقط العشرات منهم.

وبلغ عدد الشهداء في تلك المجزرة تسعة وعشرين شهيداً داخل المسجد، وواحداً وثلاثين خارجه، ووقع أكثر من مائة وخمسين جريحاً “.

وشكّلت هذه المجزرة البشعة، ذروة الإرهاب الدموي الذي اقترفته دولة الإرهاب وعصابات المستوطنين اليهود في منطقة الخليل، وهي تعيد إلى الأذهان مجزرة الدوايمة في العام 1948، حيث قام اليهود بقتل الشيوخ والأطفال من أبناء القرية الذين كانوا قد احتموا في مسجدها حين احتلتها العصابات اليهودية.

وفي أعقاب المجزرة، فرضت سلطات الاحتلال منع التجول على المدينة وأخذ اليهود يرتبون الأمور داخل الحرم وفق أهوائهم ليحيلوه إلى كنيس يهودي بحجة الفرز بين المسلمين واليهود، وأدخلوا تغييرات على وضع الحرم بغية تهويده وتكريس هذا التهويد، أمراً واقعاً ودائماً.

4-6-1-  المجزرة كما رواها شهود عيان:

–          قال شهود عيان:

 “إن المستوطن الإسرائيلي الذي ارتكب مجزرة المسجد الإبراهيمي نفذ عمليته على مرأى ومسمع من جنود يحرسون المسجد، وهم لم يحركوا ساكناً لمنع القاتل الذي استخدم عدة خزانات ذخيرة”.

–          وقال محمد سليمان أبو صالح وهو أحد حراس المسجد (33 عاماً) وهو الذي كان مسؤولاً عن نوبة الحراسة في أثناء وقوع المجزرة:

“إن 800 مُصَلّ على الأقل كانوا في مسجد الحرم الإبراهيمي الشريف لحظة وقوع الحادث، وإن المسلح  كان يحاول قتل أكبر عدد ممكن؛ وقد تناثرت الجثث على أرضية المسجد وتلطخت بالدماء، حاول مصلون، كانوا ساجدين في ذلك الوقت، الهرب فوقع بعضهم على الأرض”.

–          وقال أبو صالح لرويتر:

“صحت بأعلى صوتي للجنود كي يأتوا ويوقفوه إلا أنهم لاذوا بالفرار، وغيّر المسلّح مخزن البندقية مرة واحدة على الأقل وقتل سبعة أشخاص على الأقل في الحال مرة واحدة بعد أن تناثرت أمخاخهم على الأرض، وظل يطلق النار لمدة عشر دقائق ولم يتدخل الجيش حتى انتهت المجزرة”.

–          وقال موظف إغاثة فلسطيني في الأمم المتحدة، كان في داخل المسجد، للصحافيين بعد ساعات من الحادث:

“درجات السلم مغطاة بالدماء، بل توجد أشلاء” .

وتوقفت الحياة في الأراضي المحتلة التي يعيش فيها نحو مليوني فلسطيني، وأغلقت المتاجر، بينما قام السكان بدفن شهداء المجزرة.

أما في المستشفى الأهلي في الخليل، فقد كان الوضع شاهداً على الجريمة البشعة، فالشهداء والجرحى الفلسطينيون في مجزرة الحرم الإبراهيمي كانوا هناك وكان أيضاً، بالإضافة إليهم، ضحايا رصاص الجنود الإسرائيليين المتمركزين بالقرب من المؤسسة الطبية.

الفوضى عارمة وشاملة، مئات الفلسطينيين من أبناء الخليل تدفقوا فور انتشار نبأ المجزرة للسؤال بقلق وخوف لا حدود لهما عن مصير قريب لهم.

أتى آخرون لتقديم الماء والدواء وتزاحمت الشاحنات الصغيرة التي توجهت إلى المنطقة بأقصى سرعتها لنقل أدوية وضمادات جمعها صيادلة المدينة، بالإضافة إلى ما تيسر من عبوات الأوكسجين والمياه المعدنية، فيما كانت سيارات الإسعاف تطلق صفاراتها محاولة شق طريقها إلى المستشفى.

أخذ الفلسطينيون الذين تملكهم الغضب، يقذفون الجنود الإسرائيليين على حافة الطريق المحاذي للمستشفى بالحجارة وبشعارات النار والفداء “بالدم وبالروح نفديك يا شهيد”.